gototopgototop
Get Adobe Flash player

ترجم الموقع إلى لغتك

من كتاباتي

  • الموت في المفهوم المسيحي
  • المفهوم المسيحي للعشاء الرباني
  • نؤمن بإله واحد
  • عودة المسيح ثانية ودينونة العالم
  • الزواج في المسيحية
  • المفهوم اللاهوتي للثورة
  • الثالوث في المسيحية توحيد أم شرك بالله

ابحث في الموقع

رأيك يهمنا

هل تعتقد أن الأعمال الحسنة والأخلاق الجيدة تؤدي بالإنسان إلى الجنة؟
 

زوار من كل مكان

free counters

المتواجدون الآن

يوجد حالياً 4 زائر متصل
الرئيسية أسئلة وأجوبة إجابات لمشكلات كتابية أين ذهب المسيح بعد الصليب؟ -

يقول الرسول بطرس: "فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، 19الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ، 20إِذْ عَصَتْ قَدِيمًا، حِينَ كَانَتْ أَنَاةُ اللهِ تَنْتَظِرُ مَرَّةً فِي أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى، الَّذِي فِيهِ خَلَصَ قَلِيلُونَ، أَيْ ثَمَانِي أَنْفُسٍ بِالْمَاءِ" (1بط3: 18 – 20)
والسؤال: ما المقصود بعبارة: "ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ"؟ هل فعلاً بعد الصليب مباشرة نزل المسيح الى الجحيم وخلَّص أرواح الأبرار الذين ماتوا قبل الصليب؟ وما المقصود بالأرواح التي في السجن؟

وللإجابة على هذه الأسئلة ينبغي أن نفهم القرينة والخلفية التاريخية لهذه الكلمات؟
ولكن دعني قبل أن أفسر ما قاله الرسول بطرس أن أقدم أولاً عدة ملاحظات على هذا الفكر وهي:
1 ـ ما ذنب الأبرار الذين ماتوا قبل المسيح حتى يذهبوا للجحيم مئات بل وآلاف السنين؟
هل يليق أن أبطال الإيمان "سحابة الشهود" الذين شهد لهم كاتب الرسالة إلى العبرانيين في أصحاح كامل، واستشهد بإيمانهم أن يكونوا قد وُضِعوا في الجحيم مغلق عليهم حتى مجيء المسيح وموته؟
هل من المعقول أن إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، ويوسف، وموسى، وداود، ودانيال، وإيليا، وأليشع.....الخ ذهبوا إلى الجحيم حتى الصليب! ولماذا يقضون مئات بل وآلاف السنين في الجحيم؟
هل من المعقول أن أخنوخ الذي كُتِب عنه: "وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ" (تك24:5). هل من المنطق أخذه إلى الجحيم؟!
وهل من المعقول أن إيليا الذي لم ير الموت بل صعد في مركبة نارية، صعد إلى الجحيم؟؟
2 ـ مثل الغني ولعازر يؤكد أن الموتى الأبرار لم يذهبوا للجحيم:
"فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضاً وَدُفِنَ 23فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الْهَاوِيَةِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ... " (لو16: 22-24).
هل كان إبراهيم في الجحيم؟ وكيف يقول أبونا إبراهيم للغني: "وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ"؟
3 ـ هل توجد فرصة ثانية للأموات؟
إن التعليم الذي ينادي بأن المسيح قد نزل إلى الهاوية ليكرز للذين عصوا نوح وقت بناء الفلك ويعطيهم فرصة ثانية للتوبة يناقض تمامًا كلام الكتاب المقدس بخصوص الدينونة، فلا توجد فرصة ثانية للموتى، ألا يقول الوحي: "وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ" (عب9: 27). ويقول الرسول بولس: "لأَنَّهُ لاَبُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا" (2كو5: 10).
وعبارة "مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ" تؤكد أن المجازاة هي حسب حياتنا البشرية على الأرض، ولا يوجد سبيل إلى التوبة أو الرجوع بعد الموت.
وإذا كان الله قد أعطى هؤلاء الناس فرصة أكثر من مائة عام لكي يتوبوا ولكنهم رفضوا فلماذا تعطى لهم فرصة ثانية دون غيرهم من ملايين البشر في العهد القديم لكي يتوبوا؟
4 ـ هل من المعقول أن المسيح بكرازته لم يخلص سوى ثمانية أشخاص؟!!
فالسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يخلص سوى ثمانية أشخاص من بين ملايين الأموات من بداية التاريخ وحتى الصليب؟
5 ـ حادثة التجلي تؤكد عكس ذلك:
فنقرأ: "وَبَعْدَ هذَا الْكَلاَمِ بِنَحْوِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، أَخَذَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَصَعِدَ إِلَى جَبَل لِيُصَلِّيَ. 29وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي صَارَتْ هَيْئَةُ وَجْهِهِ مُتَغَيِّرَةً، وَلِبَاسُهُ مُبْيَضًّا لاَمِعًا. 30وَإِذَا رَجُلاَنِ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ، وَهُمَا مُوسَى وَإِيلِيَّا، 31اَللَّذَانِ ظَهَرَا بِمَجْدٍ...." (لو9: 28- 36 ).
والسؤال: من أين جاء موسى وإيليا؟ هل من الجحيم؟ كيف وهم تحت سلطان الظلمة لأن الرب يسوع لم يكن قد صلب بعد؟ وإلى أين ذهبوا بعد ظهورهما مع المسيح بمجد، وتكلما معه، هل رجعا إلى الجحيم إلى حين إتمام الصلب؟ بالطبع لا.
6 ـ كلمة الله تؤكد لنا أن المسيح بعد موته ذهب مباشرة إلى الفردوس:
عندما قال اللص للمسيح: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». أجابه الرب بفمه الطاهر: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ» (لو43:23). ولم يقل له بعد ثلاثة أيام تكون معي، بل اليوم. وأين؟ في الفردوس!!!
7 ـ عندما قال الرب يسوع على الصليب : "قد أكمل"
لم يكن هناك شيء آخر لم يتممه. وإذا قلنا إن المسيح بعدما صرخ "قد أُكمل" نزل إلى الجحيم بروحه ليخلص أرواح الأبرار من هناك، الذين ماتوا منذ بداية الخليقة وحتى موت المسيح ، وليتمم الفداء والخلاص النهائي على إبليس ومملكته، ويحرر أرواحهم ويطلقهم من سجنهم، فإن صرخته تكون في غير مكانها لأن الخلاص والفداء لم يكن قد تم.
نأتي الآن لشرح ما قاله الرسول بطرس، ولعل النص يطرح الأسئلة الآتية:
- من المقصود بعبارة: ”الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ”؟
- ومتى ذهب المسيح وكرز للأرواح التي في السجن؟
- وما المقصود بالسجن؟ وأين هذا السجن؟
- ماذا وعظ المسيح؟ وهل يسمع الموتى؟
ـ لماذا لم يخلص سوى 8 أشخاص؟
إن من يدرس النص بالتدقيق يجد أن الذي كان يكرز هو نوح، وقد قال الرسول بطرس بوضوح عنه أنه كان كارزاً بالبر، فنقرأ: "وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى الْعَالَمِ الْقَدِيمِ، بَلْ إِنَّمَا حَفِظَ نُوحًا ثَامِنًا كَارِزًا لِلْبِرِّ، إِذْ جَلَبَ طُوفَانًا عَلَى عَالَمِ الْفُجَّارِ" (2بط5:2).
وأن الكرازة تمت بواسطة روح المسيح لا شخصه من خلال نوح، ويؤكد هذا قول الرسول بطرس في نفس الرسالة: "الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ، 11 بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ" (1بط1: 10-11).
فروح المسيح هو الذي كان في نوح وإيليا وأليشع وإشعياء وغيرهم. وأيضاً نجد فكرة مشابهة في كلمات الرسول بولس إلى أهل أفسس عندما كان يتكلم عن المسيح وقال: "فَجَاءَ وَبَشَّرَكُمْ بِسَلاَمٍ، أَنْتُمُ الْبَعِيدِينَ ( الأمم ) وَالْقَرِيبِينَ ( اليهود )". (أف2: 17).
فهل جاء بشخصه وبشرهم؟ كلا. إن الذين بشروهم هم الرسل وكان المسيح مبشراً أو عاملاً فيهم.
وواضح أن الكرازة كانت لأحياء هم قوم نوح، والدليل على ذلك قول الرسول بطرس: "إِذْ عَصَتْ قَدِيمًا... فِي أَيَّامِ نُوحٍ... إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى. (1بط3: 20).
وقوله "لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ" قد تعني أحد أمرين: الأول أنهم في وقت كتابة الرسالة كانوا في مقر أرواح الموتى، فقد كانوا موجودين بأرواحهم في السجن ( الجحيم ) لأنهم عصوا ورفضوا التوبة بكرازة نوح، ولكنهم كانوا أحياء في أيام نوح.
والأمر الثاني هو أن أرواحهم وقت كرازة نوح لهم كانت مسجونة في سجن الخطية. ألم نكن نرنم الترنيمة القديمة الجميلة التي تقول كلماتها:
كنت في سجن الخطايا     عبد إبليس الرجيم
غـــير مأمول خلاصي       ثم نجاني الرحيم
واشــتراني واشــتراني      ذاك بالدم الكـريم
ألم يقل الرسول بولس أيضاً: "وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، 2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ...... 5وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ... “. (أف2: 1-5).
وما يؤكد أن المسيح لم يذهب إلى الجحيم، وأن الذي كرز هو نوح هو أن الذين خلصوا هم ثمانية أشخاص فقط والمقصود بهم نوح وزوجته وأولاده الثلاثة وزوجاتهم.
وقد قدم الأب أنطونيوس فكري في كتابه "تفسير رسالة بطرس الأولى ص32" نفس هذا الفكر كرأي ثاني في تفسير هذه الفقرة فقال: "إن المسيح العامل فى نوح، كان يكرز للناس فى أيام نوح، بلسان نوح، وأنذرهم بحدوث الطوفان لعلهم يتوبون، لكنهم لم يصدقوا. وفى هذا التفسير فإن السجن، هو الجسد وكان نوح يكرز للأرواح التى فى الأجساد. فالمسيح كان هو العامل بروحه القدوس فى نوح وفى كل الأنبياء، كما عمل فى التلاميذ والرسل بعد صعوده، لتقديم رسالة الخلاص للأرواح الهالكة، ومع هذا لم يخلص بكرازة نوح سوى ثمان أنفس هم نوح وزوجته وبنيه".
وقد نقل لنا الأب تادرس يعقوب ملطي في كتابه "تفسير رسالة بطرس الأولى ص149"  رأي القديس أغسطينوس الذي نادى بنفس هذا الفكر بالضبط فقال: "إن المسيح بروحه القدوس سبق فبشر الذين كانوا في أيام نوح، على لسان نوح، وأنذرهم بحدوث الطوفان لعلهم يتوبون لكنهم لم يصدقوا، وبهذا فإن قوله "في السجن" يعني بها الأرواح التي في الجسد، ومع هذا لم يخلص بهذه الكرازة إلا ثماني أنفس أي نوح وزوجته وأبناؤه ونساؤهم".
بالنسبة لقوانين الإيمان:
يسأل البعض قائلاً: لماذا وردت عبارة "نزل إلى الجحيم" في بعض قوانين الإيمان؟
يجب علينا أن ندرك أن قوانين الإيمان، سواء كانت من وضع أفراد أو مجامع، قد بلورت العقيدة المسيحية في نصوص محددة حفاظًا عليها، أو لمواجهة بعض الهرطقات والبدع المختلفة في وقتها، ولكن يجب ألاّ ننسى أنها كُتِبَت بواسطة بشر غير معصومين من الخطأ، فهي ليست وحي مقدس، ولذلك فاحتمال الخطأ وارد، وقد خضعت هذه القوانين للتغيير، أُضِيفَت إليها عبارات في مجامع متتابعة، وقبلتها كنائس ورفضتها أخرى.
ويقول د. القس حنا جرجس الخضري أستاذ تاريخ الفكر المسيحي: "إن عبارة "ونزل إلى الجحيم" لم تظهر في قوانين الإيمان إلا في القرن الرابع أو الخامس، والكنيسة في تلك العصور الأولى أضافت هذه الجملة لكي تعبر بها عن حقيقة موت المسيح، وأنه نزل فعلاً إلى المكان الذي كان ينزل إليه الأموات، لكي تصور بها درجة الاتضاع الذي قَبِل المسيح أن يتحمله من أجلنا".
أنا أعتقد أن هذه الفكرة جاءت نتيجة خلط بين مفهوم الهاوية في العهد القديم، والجحيم في العهد الجديد، فعندما تنبأ داود عن قيامة المسيح  وقال: "لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا" (مز16: 10). فهم الرسول بطرس هذا وأعلنه يوم الخمسين فقال: "اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. 25لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ:... لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا.... 30فَإِذْ كَانَ نَبِيًّا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، 31سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا" (أع2: 24 – 32).
وقد أكد الرسول بولس هذا الفكر أيضاً قائلاً: "إِذْ أَقَامَ يَسُوعَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ...:لَنْ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا. 36لأَنَّ دَاوُدَ بَعْدَ مَا خَدَمَ جِيلَهُ بِمَشُورَةِ اللهِ، رَقَدَ وَانْضَمَّ إِلَى آبَائِهِ، وَرَأَى فَسَادًا. 37وَأَمَّا الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ فَلَمْ يَرَ فَسَادًا".(أع13: 35-37).
فالمشكلة تكمن في كلمة "الهاوية". ولكن أرجو أن نلاحظ أن المرنم يقول: "لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ" ولم يقل: "لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْجحيم". فالفرق كبير بين الجحيم والهاوية.
فكما يقول باركلي: "إن الجحيم هو مكان العذاب، وعقاب الأشرار، ولكن الهاوية هو المكان الذي يجتمع فيه الموتى".
ويقول د. القس حنا جرجس الخضري: "إن الشعب اليهودي كان يؤمن بأن الكون يتكون من عدة طبقات: السماء من فوق، والأرض تحت السماء، وما تحت الأرض (الشئول أو الهاوية). والشئول هو المكان الذي تذهب إليه الأرواح بعد الموت. فالفكر الذي كان يسيطر على اليهود هو أن كل الأموات يذهبون إلى الشئول".
فكلمة "الهاوية" في العهد القديم بالعبرية هي: (לשׁאול) ( شئول ) والتي تُرجِمت إلى اليونانية (αδη) (هادس) ويراد بها العالم غير المنظور، ومعناها في أصلها  دار الموتى أو حالهم، فإن جميع الموتى أبرار وأشرار ينتقلون جميعًا الى العالم غير المنظور، وعلى هذا يكون النزول إلى القبر والنزول إلى الهاوية عبارتين مترادفتين في العهد القديم. وما يؤكد هذا ما قاله يعقوب عندما رأى قميص يوسف الملوث بالدم: «إِنِّي أَنْزِلُ إِلَى ابْنِي نَائِحًا إِلَى الْهَاوِيَةِ» (تك37: 35). وقال داود: "لأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَوْتِ ذِكْرُكَ. فِي الْهَاوِيَةِ مَنْ يَحْمَدُكَ؟" (مز5:6).
فالنزول إلى الهاوية ليس سوى النزول إلى محل الأموات، أي العبور من العالم المنظور الى العالم غير المنظور كما يحدث لجميع البشر متى ماتوا ودُفنوا. وقد قال الجامعة: "كُلُّ مَا تَجِدُهُ يَدُكَ لِتَفْعَلَهُ فَافْعَلْهُ بِقُوَّتِكَ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَل وَلاَ اخْتِرَاعٍ وَلاَ مَعْرِفَةٍ وَلاَ حِكْمَةٍ فِي الْهَاوِيَةِ الَّتِي أَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَيْهَا" (جا10:9). وقد قال إشعياء: "لأَنَّ الْهَاوِيَةَ لاَ تَحْمَدُكَ. الْمَوْتُ لاَ يُسَبِّحُكَ. لاَ يَرْجُو الْهَابِطُونَ إِلَى الْجُبِّ أَمَانَتَكَ" (إش18:38).
إن ما أريد أن أختم به هو ما قاله ويرزبي: "لا يوجد في كل الكتاب المقدس ما يشير إلى أن المسيح ذهب إلى الجحيم".
إن فكرة نزول المسيح إلى الهاوية أو القبر (الشئول) (לשׁאול) بلغة العهد القديم، (الهادس) (αδη) بلغة العهد الجديد، تقدم لنا حقيقتين عظيمتين وهما:
1 ـ إن كان المسيح قد نزل إلى "الهاوية" "القبر" إذن فيسوع مات حقاً ولم يكن موته نوع من التظاهر أو التمثيل أو نوبة إغماء على الصليب وما شابه ذلك. فقد اختبر الموت حقاً وقام حقاً، لقد كان مشابهاً لنا في كل شئ حتى في الموت.
2 ـ إن كان المسيح قد نزل "الهاوية" "القبر" فإن هذا يعني انتصار المسيح الكامل على الموت. فالذي «صَعِدَ» هُوَ الذي نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ (أف4: 9-10).