gototopgototop
Get Adobe Flash player

ترجم الموقع إلى لغتك

من كتاباتي

  • الموت في المفهوم المسيحي
  • المفهوم المسيحي للعشاء الرباني
  • نؤمن بإله واحد
  • عودة المسيح ثانية ودينونة العالم
  • الزواج في المسيحية
  • المفهوم اللاهوتي للثورة
  • الثالوث في المسيحية توحيد أم شرك بالله

ابحث في الموقع

رأيك يهمنا

هل تعتقد أن الأعمال الحسنة والأخلاق الجيدة تؤدي بالإنسان إلى الجنة؟
 

زوار من كل مكان

free counters

المتواجدون الآن

يوجد حالياً 7 زائر متصل
الرئيسية مقالات ومختارات مقالات روحية لماذا يكرهوننا؟ -

المُتأَمّل في اتِّجاهات العالَم والمُجتمع تُجاه أَولادِ الرَّبِّ والمُدقّق في كثيرٍ من الأَحداثِ والسّلوكيّات وطريقةِ التَّعامُل لا يُمكن إِلَّا أَنْ يسأَلَ لماذا؟ لماذا يكرهُ العالَمُ أَولاد الله بهذا الشَّكلِ؟ لماذا يكون أَولادُ الله الحقيقيُّون مُبْغَضِينَ مِنَ الجميعِ؟

بالرّغم من أَنَّ أَغلى القِيَم لديهم هِي المحبَّة الحقيقيّة المُضحّيِة وَالغُفْرَان غير المشروط  والعطاء بِلَا حُدُود، ورغم أَنَّهم  يَرْغَبُونَ دائمًا  في خيرِ الآخرين وسلامِهِمْ
وتسديد احتياجاتهم وخلاصهم وإِنقاذهِمْ مِنَ الهلاكِ الأَبديّ الَّذي هو مصيرُ البعيدين عَنِ الرَّبِّ يسوع، ورغم أَنَّ أَكثرَ الطُّرُق مَشقةً هُو خدمةُ الآخرين وَمنفعتهُمْ، وقد اتَّخذوهُ أَولاد الله وكان يُمكن أَنْ يُوفّرُوا على أَنفسِهِمْ هذه الْمَشقّة بِأَنْ يُفكّرُوا فقطْ في نُفُوسِهِمْ، ولكنَّهُم يَسِيُرونَ في هذا الطّريق الَّذي كثيرًا ما تَنْتَهِي فيهِ حياتهُمْ على أَيدي مَنْ خَدَمُوهُمْ. ورغم أَنَّهم لا يكرهون ولا يُؤْذُونَ ولا يستخدمون القوّة ولا العُنف ولا حتَّى الكلمات غير اللائقةِ ولا حتَّى مُجرّد عدم المُبالاة بالآخرين، ورغم أَنَّ المبادئ الَّتي يُرِيدُون أَنْ يَنْشُروها هِيَ مَا يَنْشِدُهَا كُلُّ مَنْ يُرِيدُ خيرَ وَتقدُّمَ هذا العالَم. لكن لماذا يكونوا مُبْغَضِينَ مِنَ الجميعِ؟ ما سِرُّ هذه الكراهية الْمُتَعمَّدة وَالْمُسْتَمِرّة الَّتي لا تَقِفُ فقطْ عِنْدَ حدودِ المشاعر تُجاههم بل تتطوّر إِلى الكلماتِ الجارحة والأَفعال المقصودة مِثل التَّمييز والاضطهاد بَلْ والقتل أَيْضًا؟
يَصِفُ الرَّبُّ يسوع هذه الصّورة في كَلِمَاتٍ مِثْل: غَنَم وَسَط ذِئَابٍ: وَالذِّئَابُ هِي حيواناتٌ عدوانِيَّة لا تَتَهاون مع الأَغْنَامِ الضَّعيفة، وَبالتَّالي فالأَغنامُ تَشْعُرُ بالخطرِ الدَّائمِ مِنَ الذِّئَابِ، وَكَيْفَ يكون الأَمُرُ عندما تَكُون مُهِمَّةُ الأَغْنَامِ هِيَ أَنْ تتواجدَ مَعَ الذِّئَابِ وَتَتَعاملَ معهُمْ دُونَ أَنْ تَعْتَزِلَ؟
ولقد شدّد السَّيِّدُ أَيْضًا بالقولِ: احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، أَي كونُوا واعِينَ بِمَا سيحدثُ لَكُمْ، فَهُنَاك صِرَاعٌ مَعَ الْمُتديّنين الْمُتشدّدين الَّذين يَدّعون أَنَّهم يعرفونهُ وَغيّورِينَ لهُ، وبالتَّالي هُنَاك اضطهادٌ مِنْ هؤلاء بِاسْمِ الدّين. وَهُنَاك أَيْضًا صِرَاعٌ مَعَ السُّلطاتِ والحكومات والولاة، وبالتَّالي تُفصّل القوانين واللّوائح والدّساتير ضدّكم لإِيذائكُمْ، وَهذَا اضطهادٌ سِيَاسيٌّ.  وَهُنَاك أَيْضًا صِرَاعٌ مع أَهْلِ الْبَيْتِ، فقبولُ المسيح سَيَحِلُّ الرُّبط الأُسرِيَّة وَيُصْبِحُ أَعداءُ الإِنْسان أَهْلَ بيتهِ، وَبالتَّالي حياةُ المسيحيّ في وسطِ أَهلِ بيتهِ مِنْ غيرِ المؤمنين بالسَّيِّدِ هِي أَيضًا مُخَاطرةٌ، وهذا اضطهادٌ أُسريّ. وتصل الحالة إِلى وصفِ السَّيِّد لِمَا يُمكن أَنْ يُقَاسي مِنْهُ أَولاد الله بِأَنَّهُ كُلّ مَنْ يَقتلهم يَظِنُّ أَنَّهُ يُقدّم خدمةً للهِ, وما أَكثر الَّذين يَتَبَرّعون بهذه الخدمة. وَيَسْرِدُ مُصطلحات في غايةِ الصُّعوبَةِ مِثل «يَطْرُدُونَكُمْ، يُسلّمُونَكُمْ، يَضْطهِدُونَكُمْ، يَفْتَرُونَ عَلَيكُمْ، يَحْكُمُونَ عَليكُمْ، يَقُولُونَ عليكُمْ كُلّ كَلِمَةٍ شِرّيرة، يَقْتُلُونَكُمْ» دُون تَأْنِيبٍ للضَّميرِ، بل سيكون مُمَارسةُ هذه الأَفعال مَعَكُمْ نَوعًا مِنْ أَنواعِ إرضاءِ الضّمير وتتميم الواجبات الدّينيّة لنوالِ مُستقبل بهيج.
لكن خلف هذه الصُّورة الظَّاهرة توجد الصُّورة الجوهريّة والسّبب الحقيقيّ لِكُلِّ هذه الْمُمارسات ضدّ أَولادِ الله وَهِي «مَلَكُوتُ الظُّلمةِ الَّذِي يَقِفُ أَمَام مَلَكُوتِ النُّورِ».
وَبالتَّالي يُوضّح لهم المسيحُ:
1- إِنَّ  العداءَ الحقيقيّ ليس ضدّكم, وأَنْتُمْ لَسْتُمْ المقصودين بهذهِ المُمارسات العدائيّة لكن أَنَا المقصودُ بِهَا «مِنْ أَجْلِي... مِنْ أَجْلِ اسْمِي... لَا يَعْرِفُونَ الَّذِي أَرْسَلَنِي». وَأَنْتُمْ الصُّورة الظَّاهرة  لهم لذلك تُوجّه إِليكُمْ كُلّ ما يُقْصد أَنْ يُوجَّهَ لي أَنَا. لَقَدْ قَالَ المسيحُ لِشَاول لِمَاذَا تَضطِهَدنِي بالرّغمِ مِنْ أَنَّ الاضطهاد كَانَ فِي ظاهرهِ تّجاه كُلّ مسيحيٍّ.
2- يُوضّحُ السّيد بمجموعةٍ مِنَ الأَمْثَالِ أَنَّ التّلميذَ لَيْسَ أَفضلَ مِن مُعلّمهِ، والعبدَ لَيْسَ أَفضلَ مِنْ سَيِّدِهِ، وبالتَّالي ما قدَمهُ العالَمُ للمسيحِ لَنْ يكونَ تَابعيه أَوْفرَ حظًّا مِنْهُ بَلْ لأَنَّهُمْ يحملون اسمهُ ورسالتهُ وصِفَاتهُ فَسَيَنْصَبّ عليهِمْ نَفْسُ مَا كَانَ لهُ.
3- إِنَّ الْمُضطهِدِينَ الذَّين نراهم في أَشخاصٍ وَحُكُومَاتِ وسِيَاساتٍ على اختلافهِمْ لكنَّهم يتَّفِقُونَ في أَنَّهم ليسوا أَولاد الله ولا يعرفونهُ، وبالتَّالي هُمْ عبَارة عن وسائلٍ يُحرّكها إِبليس في دائرةِ سلطان الظُّلمة الَّتِي يَعِيشُونَ فيها وَتَحْتَ قِيادتهِ, فَهُوَ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانهُمْ وَغَلَّظَ قُلُوبهمْ واستخدم عقولهم ولسانهم وأَيديهم لكي يُصَارِعَ ملكوت المسيح الَّذي يَظْهَرُ في العالَمِ في أَبناءِهِ، وبالتَّالي فَأَولادُ الله لا يُضطهَدُونَ مِنْ أَشخاصٍ لكن من ملكوتِ الظُّلمةِ الَّذي يقودهُ إِبليس.
4- بِهَذَا يُصْبِحُ الأَشخاصُ في الطَّرفَيْنِ هُمْ مُجرّد كائنات ظاهرة ملموسة للصِّراعِ، لكنَّ الصِّرَاعَ الخفيّ والجوهريّ هُوَ مَا بَيْنَ المسيحِ وإِبليس, بَينَ ملكوتِ الظُّلمَةِ وملكوتِ النُّور.
5- لأَجْل هذا لَمْ يَدْعُنَا المسيحُ أَبدًا إِلى كراهيةِ أَو بُغْضِ الْمُضطهِدِينَ لأَنّهُمْ مساكين يَحْتَاجُونَ إِلى استنارةٍ. وَلِذَا يجِب أَنْ يَسْتَعِدَّ المسيحيّ لِبذلِ نَفْسهُ لكي يُنْقِذَهُمْ من ملكوتِ الظُّلمةِ كما فعل السَّيِّدُ. وبالتَّالي لا مَجَالَ للكراهيةِ أَو الانتقامِ بَلْ المجال للمحبَّةِ وَالعطَاءِ والتَّضحِيَةِ والخدمةِ والكرازة، وكُلّما زاد اضطهادُ أَولاد الله كُلَّما كانَتْ الظُّلمةُ الَّتي يَعِيش فِيهَا أَتباعُ ملكوت إِبليس أَشدَّ وأَقْسَى.
6- سَيَظلُّ الصّراع مُحْتَدِمًا مَا بَيْنَ قِيَمِ، وَمَبادِئ، وَأَفْكَارِ، وَدَوافعِ، وَأَهْدَافِ أَبناءِ الظُّلمةِ وَأَبناءِ النُّورِ حتَّى يَأْتِي المسيحُ لِيُنْهِي ملكوت الظُّلمةِ تَمامًا.
فالاحتياجُ دَائِمٌ للعملِ وَالْحُبِّ وَالعطَاءِ.