gototopgototop
Get Adobe Flash player

ترجم الموقع إلى لغتك

من كتاباتي

  • الموت في المفهوم المسيحي
  • المفهوم المسيحي للعشاء الرباني
  • نؤمن بإله واحد
  • عودة المسيح ثانية ودينونة العالم
  • الزواج في المسيحية
  • المفهوم اللاهوتي للثورة
  • الثالوث في المسيحية توحيد أم شرك بالله

ابحث في الموقع

رأيك يهمنا

هل تعتقد أن الأعمال الحسنة والأخلاق الجيدة تؤدي بالإنسان إلى الجنة؟
 

زوار من كل مكان

free counters

المتواجدون الآن

يوجد حالياً 9 زائر متصل
الرئيسية مقالات ومختارات مقالات مناسبات عيد الميلاد والكريسماس رسائل العائلة المقدسة -

في البدء خلق الله العائلة.. فعندما خلق الله آدم جعل له حواء، وأوصاهما أن يثمروا ويكثروا ويملأوا الأرض.. فالعائلة أول مجتمع إنساني على وجه الأرض.. هي أسبق من الوطن أو الكنيسة.
لذلك عندما يريد الشيطان أن يضرب.. يوجه ضرباته للعائلة.. الأب.. الأم.. الأبناء.. فتهتز أركانها وتتفكك وتتفسخ ويتبع هذا التفكك انهيار جميع الكيانات  الأكبر الوطن والكنيسة.. ربما يفسر هذا لماذا صار هذا التردي في أحوال الوطن والكنيسة في هذه الأيام ولماذا تبوء كل محاولات الإصلاح بالفشل بعيدًا عن إصلاح العائلة.

في هذه الأيام تهب ذكرى الميلاد ومعها نحكى قصة العائلة المقدسة.. ومع هذه القصة تأتي العديد من الرسائل التي إن استجبنا لها استطعنا أن نصنع عائلة مقدسة جديدة في كل بيت.. ليتحول العيد من القصة الى الحياة ومن السرد إلى الاختبار.. مضيفين للعائلة المقدسة أزواج وزوجات وأبناء جدد عبر السنين بدون توقف.
الرسالة الأولى تأتينا من يوسف رب العائلة.. الذى واجه في بداية ارتباطه –ما اعتقده خطأ– انحراف وخيانة من زوجة المستقبل مريم.. فماذا فعل؟، تقول الكلمة المقدسة أنه أراد أن يتركها سرًا .. وهنا نقف أمام كلمة سرًا.. إن حجم الخطأ المرتكب –في اعتقاده– بحسب هذا الوقت لا يمكن التعامل معه بعيدا عن المجتمع والمحيطين، لكن يوسف البار -بوصف الكتاب– تعامل برفق ولين في السر بدون أن يُشِّهر بزوجته.. والسؤال هنا: كيف نتعامل في مواجهة الأخطاء؟، أي طريق نسلك، الانتقام والتشهير، إدخال أطراف أخرى في المشكلة، الغضب والعنف.. لقد أدرك يوسف حجم الخطأ وتعامل معه ولكن محبته لمريم رفضت إيذاء شخصها.. إن تعاملنا مع الخطأ لا يجب أن يجعلنا قاسين على المخطئ.. الرسالة من يوسف تقول أبقوا الأخطاء سرًا فيما بينكم، تعاتبوا وتواصلوا بلا إيذاء أو أهانه، تعاملوا مع الخطأ واحتفظوا بالمحبة للمخطئ.
رسالة أخرى من يوسف الزوج والأب الذى يصغى لصوت الله، ويتحرك وفق إرشاد الله.. الأمر الذى بات الأزواج يفتقدونه في هذه الأيام.. فهم مشغولون في أعمالهم إلى الدرجة التي تحجب عنهم صوت الله.. كم من رب أسرة لا تطأ قدماه الكنيسة بحجة المشغولية، لا يقرأ كلمة الله بحجة مطالعة الأوراق والتقارير اليومية، هو يحيا دائمًا وفق أهدافه ومخططاته وتطلعاته.. أما يوسف فكان شخصاً يميز صوت الله ويطيعه، يضع أسرته أمامه أولوية، يعرف جيدًا معنى كلمة رب أسرة، لذا في وقت الأزمة يترك محل نجارته بما فيه من مصنوعات لم تكتمل مضحيا بخططه الخاصة مدركًا كونه زوجًا وأبًا قبل أن يصير نجارًا محترفًا ليهرب بالأسرة واضعًا أمانهم قبل أهدافه.. يوسف اليوم يدعوك أن ترخي الجريدة من يدك، تاركًا تقارير العمل، وواضعًا الفيسبوك على وضع الإغلاق. لتمسك بيد الأبناء وزوجتك، لتخرج معهم وتنصت إليهم، تعرف ما بهم وتحميهم من أسوأ الأخطار.. خطر غيابك قبل أن تحميهم من أخطار الحياة.
الرسالة الثالثة من مريم التي قالت عن نفسها هوذا أنا أمة الرب.. الزوجة الشابة والأم الصغيرة المفتقرة للخبرة والفهم والتي يحركها إيمانها في وسط أحداث لا تفهمها.. هذا الإيمان الذى رافقها كل حياتها منذ قالت للملاك ليكن لي كقولك.. وقتها كانت ترسى مبدأ هامًا عاش معها كل السنين مبدأ يقول أنه مهما يقول الله فعلينا أن نطيع مهما بدا الأمر غريبًا وغير مفهوم، نرى هذا المبدأ في الميلاد ونعود ونراه مرة أخرى بعد ثلاثين عامًا عندما شاركت الخدم في عرس قانا الجليل نفس الكلمات قائلة لهم مهما قال لكم افعلوه.. واليوم تعيد علينا نفس الكلمات مهما يقول لكم الله افعلوه.. لا تعاندوا ولا تكابروا.. ولا تطلبوا تفسيرات تعطلكم بل افعلوه واثقين في محبته وحكمته.. رسالة مريم للزوجات والأمهات اليوم تبدأ بالخضوع لله.. هذا الخضوع هو الضامن الوحيد للحياة مهما بدت الحياة صعبة وغير مفهومة وهو الدافع الأكبر للاهتمام بالعائلة.. اهتمام وخضوع للزوج – وليس خنوع – يحمل في داخله الاحترام والتقدير والثقة في الإنسان الى وقف أمام الله وتعهد بالحماية للأسرة و معه وقفنا أيضًا أمام الله وتعهدنا بالخضوع والمساندة والاحترام.. اهتمام آخر قدمته مريم يشمل الابناء. يقول عنها الكتاب أن كل ما صنع ابنها كانت تحفظه متفكرة به في قلبها.. تحتاج أمهاتنا لهذا الاهتمام لنسير بصغارنا رحلة حياتهم، حتى تحين لحظة المفارقة – بكل ألمها – نجد أننا قدمنا لمن حولنا أبناء يغيرون العالم مثلما فعل طفل مريم الأم المهتمة الحافظة للعائلة المقدسة والتي نرجو أن نجدها في كل عائلة مقدسة..
الرسالة الرابعة يرسلها طفل المزود.. هذا الذي قسم تاريخ البشرية إلى قبل الميلاد وبعد الميلاد.... وتقول رسالته أن أبنائنا يقسمون تاريخ حياتنا إلى قبل ميلادهم وبعد ميلادهم.. فقبل ميلادهم يعيش الزوجان حياة تختلف كل الاختلاف عن تلك التي صارت بعد قدوم الأبناء.. لذلك علينا أن نعطي لهؤلاء الصغار كل العناية وكل الاهتمام.. فهل حقًا نهتم بأطفالنا أم نهتم بذواتنا من خلال الأطفال (مثلاً هل نريد لهم الدرجات النهائية ليكونوا ناجحين أم نريدها ليقال عنا أننا آباء مثاليون.. لا تتسرع في الإجابة).. الفارق كبير العائلة المقدسة تعلمنا أنهم كانوا يذهبون بالطفل كل عام للهيكل، كانوا حريصين على أن يكون ابنهم فاهمًا ومدركاً لمعنى كونه من شعب الله، فهل تحرص عائلاتنا على أن يذهب الأبناء للاجتماعات للبناء، هل نناقشهم فيما يتعلموه، هل نتابع حالتهم الروحية... إن تنشئة ابن لم يكن سهلاً حتى على العائلة المقدسة.. فمثل أي مراهق صغير تخلف الابن ذات مرة عن ركب الأسرة.. وبقيَّ في الهيكل.. ودار حوار يبدو أنه كان حادًا بين الأم والابن عندما وجداه.. ومثلما يحدث في أيامنا لم يفهما –بحسب الكلمة المقدسة-  ما قاله المراهق الصغير، ولكن لم تذكر المحادثة أية إهانة من الأبوين ولا أي تمرد من الصغير .. إن الرسالة لنا أن نهتم بأبنائنا وأن نضعهم على طريق معرفة الله، نتحاور معهم، محاولين فهمهم، وإن لم نستطع فيكفي أن نكون موجودين في كل وقت لهم.. نسعد معهم ونحن نحاول عبور حواجز الأجيال والسنين.
تأتى الرسالة الأخيرة من إحدى جارات العائلة المقدسة.. راحيل.. تلك التي فقدت أبناءها الغاليين بلا سبب مفهوم لها  عند ولادة يسوع..  عندما قتل هيرودس جميع أطفال بيت لحم للتخلص من المولود، ملك اليهود..  راحيل تذكرنا بالمتألمين والنائحين من حولنا وداخل بيوتنا.. فعلى كل مائدة عشاء ليلة العيد يوجد مقعد لعزيز غائب.. هناك من غاب بسبب الموت، وهناك من غاب بسبب الرحيل والهجرة، وهناك من غاب بسبب الخلاف والخصام.. ومع كل هؤلاء ستجد راحيل لا تريد أن تتعزى، ربما لأنها لا تدرك أنها يومًا ما سترى أبنائها الغائبين في السماء بسبب الخلاص الذى صنعه المولود الوحيد الناجي من المذبحة.. راحيل ربما جالسة إلى جوارنا في احتفال العيد، وربما لم تأت.. لكن الرسالة لنا هي أنه حتى وإن غزا عائلاتنا الألم والغياب فلا تضاعفوا الألم برفض التعزية.. بل تذكروا كل الذين هم ليسوا بموجودين.. ودعوا تعزيات السماء تمسح قلوب الموجودين وأطلبوا لعائلاتنا أن تنمو برغم الألم وارفعوا التسبيح في بيوتنا عوضًا عن البكاء والعويل.
أخيرًا أيها الأحباء.. نكرر أننا في هذه الأزمنة الصعبة نحتاج لأزواج يضعون الأسرة أولوية، وعندما تحل الأزمة يبقون الأخطاء سرًا .. أزواج يحمون المخطئ ويحفظون العلاقة.. ونحتاج لزوجات تطيع الله مهما كلفهم الأمر من حيرة وألم، واضعين أسرهن في قلوبهن، خاضعين للزوج الذى يخضع بدوره لله، ونحتاج لآباء يقدرون الصغار ويرافقوهم رحلة الحياة بحكمة وحب، حريصون على أن يضيفوا في قلوبهم المزيد من مخافة الله كل يوم.. مثلما هم حريصون على إضافة المزيد من المال إلى حساباتهم البنكية.. وأخيرًا ارفعوا التسبيحات في الرامة وفى كل بيت.. لنتجاوز الألم ونسعى في كل يوم أن تخرج العائلة المقدسة من المزود لنصير أزواج وزوجات وأبناء يصنعون في كل بيت من بيوتنا.. عائلة مقدسة.